مع دخول الحرب عامها الثالث.. تفشي الكوليرا يعمّق مأساة السودانيين

مع دخول الحرب عامها الثالث.. تفشي الكوليرا يعمّق مأساة السودانيين
الكوليرا في السودان - أرشيف

دخلت الحرب الأهلية في السودان عامها الثالث، وسط تفاقم الكلفة البشرية والإنسانية للنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، في ظل انهيار شامل في الخدمات الأساسية وتفشٍ كارثي لوباء الكوليرا في عدة ولايات سودانية.

أكدت منظمة الصحة العالمية، في تقرير صادر الخميس، أن السودان يواجه واحدة من أخطر الأزمات الصحية في العالم، نتيجة تفشي الكوليرا، وسقوط آلاف الضحايا، وتعطل نظام الرعاية الصحية بالكامل.

وتسارعت وتيرة انتشار وباء الكوليرا في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى مثل أم درمان والجزيرة والنيل الأبيض وسنار، حيث انهار النظام الصحي بشكل شبه كامل.

عشرات الوفيات في العاصمة

سجلت وزارة الصحة السودانية، وفق تصريح لمسؤولين فيها، ما بين 600 و700 إصابة أسبوعياً بالعاصمة، مع عشرات الوفيات، نتيجة تلوث مصادر المياه وانعدام الرعاية الصحية.

وأعلنت الوزارة في بيان لها، الخميس، وفاة 70 شخصاً في الخرطوم، وإصابة أكثر من ألفي حالة خلال 48 ساعة فقط، مشيرة إلى أن مناطق الانتشار الرئيسية للوباء تشمل أم درمان، وشمال كردفان، ونهر النيل، والجزيرة.

وكشفت منظمة "أطباء بلا حدود" عن تسجيل أكثر من 800 إصابة بالكوليرا خلال 3 أيام فقط في ولاية النيل الأبيض، إلى جانب وفاة عشرات المرضى، محذّرة من تصاعد الوباء في ظل ضعف القدرات الطبية على الاستجابة.

انهيار النظام الصحي

دمرت الحرب المستمرة أكثر من 80% من المرافق الصحية في السودان، بحسب تقارير المنظمات الإنسانية، ما أدى إلى شلل كامل في قدرة البلاد على مواجهة الأوبئة.

وتسببت الهجمات العسكرية بالطائرات المسيّرة في تدمير محطات الكهرباء والمياه، ما أدى إلى انقطاع إمدادات المياه النظيفة في مناطق واسعة، وأجبر السكان على استخدام مياه ملوثة، وهو ما ساعد على تفشي الأمراض.

وسجلت منظمة الصحة العالمية، حتى نهاية مايو، أكثر من 60 ألف إصابة بالكوليرا في السودان، بينها أكثر من 1640 حالة وفاة، مشيرة إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير بسبب تعذر الوصول إلى بعض المناطق.

وحذّرت المنظمة من أن الأعمال العدائية المستمرة، بما في ذلك استهداف المنشآت الصحية، تسهم في زيادة النزوح وتعوق جهود السيطرة على الأمراض المعدية، وتعرقل إيصال الإمدادات الطبية الضرورية.

الإنذار المبكر خارج الخدمة

أوضحت منظمة الصحة العالمية وجود "نقص حاد" في أنظمة الإنذار المبكر، ما يحدّ من قدرة الحكومة والمنظمات الدولية على اكتشاف انتشار الأوبئة والاستجابة لها بفعالية.

ونبّهت المنظمة إلى غياب البيانات الدقيقة من بعض المناطق الريفية والحدودية، ما يُعرقل اتخاذ قرارات تستند إلى أدلة ميدانية، ويُضعف إمكانات التحرك السريع في حالات الطوارئ.

وأشار التقرير إلى أن الوصول إلى المياه النظيفة ومستلزمات النظافة الصحية لا يزال محدوداً في معظم أنحاء البلاد، في حين تعاني المرافق الطبية من نقص الكوادر العاملة والمؤهلة للتعامل مع حالات التفشي الوبائي.

نزوح ومعاناة متفاقمة

أدى النزاع إلى نزوح أكثر من 14.5 مليون شخص، بحسب تقارير منظمة الهجرة الدولية، بينهم أكثر من 4 ملايين فرّوا إلى دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا.

وفرّ أكثر من 200 ألف شخص إلى جنوب السودان خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 فقط، ليصل إجمالي اللاجئين والعائدين الذين غادروا السودان منذ بداية الحرب إلى أكثر من مليون شخص.

وأكدت المنظمة أن بعض المناطق مثل الفاشر والخرطوم شهدت موجات نزوح متكررة لنفس السكان خلال فترات قصيرة، ما فاقم هشاشة المجتمعات المحلية وعمّق الحاجة إلى تدخلات إنسانية عاجلة.

أسوأ أزمة إنسانية

صنّفت الأمم المتحدة الأزمة السودانية بأنها "الأسوأ على مستوى العالم"، مشيرة إلى أن أكثر من 25 مليون سوداني –أي أكثر من نصف سكان البلاد– بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

وأعلنت منظمات حقوقية أن الحرب تسببت في مقتل أكثر من 32 ألف شخص حتى نهاية مايو، فيما وثّقت عمليات قصف على أحياء سكنية، واختطاف مدنيين، وارتكاب انتهاكات جنسية على نطاق واسع، لا سيما في مناطق النزاع غرب البلاد.

وحذّرت الأمم المتحدة من أن استمرار منع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المتضررين في دارفور والمناطق الحدودية قد يُحوّل الأزمة إلى كارثة إقليمية تهدد استقرار دول الجوار.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية